الثلاثاء، 6 مايو 2014

نبذة عن علم النحو

علم النحو :
النحو هو علم يبحث في أصول تكوين الجملة وقواعد الإعراب. فغاية علم النحو أن يحدد أساليب تكوين الجمل ومواضع الكلمات ووظيفتها فيها كما يحدد الخصائص التي تكتسبها الكلمة من ذلك الموضع، سواءً أكانت خصائص نحوية كالابتداء والفاعلية والمفعولية أو أحكامًا نحوية كالتقديم والتأخير والإعراب والبناء.

قال ابن جني في كتابه الخصائص: "النحو هو انتحاء سمت كلام العرب في تصرفه من إعراب وغيره: كالتثنية، والجمع، والتحقير والتكسير والإضافة والنسب، والتركيب، وغير ذلك، ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة فينطق بها وإنْ لم يكن منهم، وإنْ شذ بعضهم عنها رد به إليها. وهو في الأصل مصدر شائع، أي نحوت نحواً، كقولك قصدت قصداً، ثم خصّ به انتحاء هذا القبيل من العلم" (الجزء الأول – صفحة 34)، فالنحو عند ابن جني على هذا هو : محاكاة العرب في طريقة كلمهم تجنباً للّحن، وتمكيناً للمستعرب في أن يكون كالعربيّ في فصاحته وسلامة لغته عند الكلام.


معنى النحو :
أي القصد أو المثل، وسمي العلم بهذا الاسم لقصد المتكلم أن يتكلم مثل العرب، كما يسمى هذا العلم أيضا بعلم الإعراب.

في موضوع هذا العلم تمييز الاسم من الفعل من الحرف، وتمييز المعرب من المبني، وتمييز المرفوع من المنصوب من المخفوض من المجزوم، مع تحديد العوامل المؤثرة في هذا كله، وقد استُنبط هذا كله من كلام العرب بالاستقراء، وصار كلام العرب الأول شعرًا ونثرًا - بعد نصوص الكتاب والسنة - هو الحجة في تقرير قواعد النحو في صورة ماعرف بالشواهد اللغوية، وهو ما استشهد به العلماء من كلام العرب لتقرير القواعد.

أسباب نشأة علم النحو العربي :
بعد المد الإسلامي في العالم واتساع رقعة الدولة، دخل كثير من الشعوب غير العربية في الإسلام، وانتشرت العربية كلغة بين هذه الشعوب، مما أدى إلى دخول اللحن في اللغة وتأثير ذلك على العرب. دعت الحاجة علماء ذلك الزمان لتأصيل قواعد اللغة لمواجهة ظاهرة اللّحن خاصة في ما يتعلق بالقرآن والعلوم الإسلامية. ويذكر من نحاة العرب عبدلله بن أبي إسحق المتوفي عام 735 م، وهو أول من يعرف منهم، وأبو الأسود الدؤلي والفراهيدي وسيبويه.و لم يتفق الناس علي القصة التي جعلتهم يفكرون في هذا العلم، ولكن القصة الأشهر أنّ أبا الأسود الدؤلي مرّ برجل يقرأ القرآن فقال ((إن الله بريء من المشركين ورسوله)), كان الرجل يقرأ (رسولهِ) مجرورة أي انها معطوفة على (المشركين) أي أنه غير المعنى ؛لأن (رسولُه) مرفوعة لأنها مبتدأ لجملة محذوفة تقديرها (ورسولُه كذلك بريءٌ)، فذهب أبو الأسود إلى الصحابي علي وأرضاه وشرح له وجهة نظره- أن العربية في خطر - فتناول الصحابي علي وأرضاه رقعة ورقية وكتب عليها : بسم الله الرحمن الرحيم..الكلام اسم وفعل وحرف.. الاسم ما أنبأ عن المسمى.. والفعل ما أنبأ عن حركة المسمى.. والحرف ما أنبأ عن ما هو ليس اسماً ولا فعلاً. ثم قال لأبو الأسود : انحُ هذا النحو.

ويروى أيضاً أن علي بن أبي طالب رضي الله وأرضاه كان يقرأ رقعة فدخل عليه أبو الأسود الدؤلي فقال له: ما هذه؟ قال علي رضي الله وأرضاه: إني تأملت كلام العرب، فوجدته قد فسد بمخالطة الأعاجم، فأردت أن أصنع(أفعل)شيئاً يرجعون إليه، ويعتمدون عليه. ثم قال لأبي الأسود: انح هذا النحو. وكان يقصد بذلك أن يضع القواعد للغة العربية. وروي عنه أنّ سبب ذلك كان أنّ جارية قالت له (ما أجملُ السماء؟) وهي نَوَد أن تقول: (ما أجملَ السماء!) فقال لها: (نجومها!)

التسمية :
ورد في المعجم المحيط في معنى كلمة "نحو":
«نَحَا يَنْحُو اُنْحُ نَحْواً [ نحو]:- الشّيءَ وإليه: مال إليه وقصدَه؛ نحا الصّديقان إلى المقهى.- نحوَهُ: سار على إثره وقلّده؛ نحا الطّالب نحوَ أستاذه.- كذا عنه: أبعده وأزاله؛ نحا عن نفسه الجُبنَ والكسل.»
ومن ذلك فقد سمي علم النحو بهذا الاسم لأن المتكلّم ينحو بهِ منهاج كلام العرب إفرادًا وتركيبًا.


التراث النحوي بين الجمود والتجديد :
يعتبر التراث النحوي الذي خلفه علماء العربية القدماء في غاية النفاسة والتميّز. وقد أفاد منه العلماء وطلاب العربية على مرّ العصور والأزمان. فقاموا بشرح بعضه وتهذيب بعضه الآخر، وجعلوه مادةً للتدريس في حلقاتهم الممتدة من بغداد شرقاً حتى غرناطة وقرطبة غرباً. غير أنّ التراث النحوي اعتراه ما اعترى غيره من العلوم والمعارف؛وعلقت به شوائب المنطق والفلسفة، مما دعى كثيراً من الناس إلى الابتعاد عن كتب التراث النحوي والزهد فيها. وضعف الميل إليها وافتقر الناس إلى الرغبة فيها. كل ذلك كان مدعاةً لظهور أصوات متعددة تنادي بإصلاح (النحو العربي) وتنقيته من الشوائب التي اعترته على مر العصور والأزمان، والمساهمة في تقريبه وتبسيطه للطلاب بمختلف مستوياتهم العلمية وقدراتهم العقلية.

فظهر قديماً وحديثاً من بسّط اللغة المستخدمة في النحو العربي، ومن قام باختصار قواعده وبلورتها، ومن ألّف في طرق تدريس هذا النحو ومناهجه. ويعتبر كتاب ابن مضاء القرطبي (ت 592هـ): الرد على النحاة ؛ من أظهر وأميز المحاولات القديمة التي دعت إلى التيسير والإصلاح في الأصول والنظريات العامة والتي قام عليها النحو العربي قديماً. وقد قام الدكتور شوقي ضيف (ت 2005م) بنشر كتاب ابن مضاء القرطبي ؛ وكان سبباً في إحداث ضجة فكرية وثقافية كبيرة في الهيئات والأوساط العلمية. وفي عصرنا الحاضر تتابعت الدعوات المطالبة بتيسير النحو العربي وتبسيطه للمتعلمين. وكان الدكتور شوقي ضيف (ت 2005م) في طليعة العلماء الذين تركوا بصمة واضحة في هذا الميدان. ولم يتوقف الأمر عند شوقي ضيف؛ فقد أصدر الأستاذ إبراهيم مصطفى كتاباً بعنوان (إحياء النحو)؛ طالب فيه بإعادة النظر في أصول النحو العربي ومبادئه. كما أصدر الأستاذ راسم طحان كتاباً بعنوان "حقيقة الإعلال والإعراب" حيث بسط فيه قواعد اللغة العربية وذهب إلى أبعد من ذلك؛ إذ اتهم سيبويه بتعمد تعقيد قواعد العربية لتعسير تعلمها ومنع انتشارها.

والجدير بالملاحظة : أن حركة التيسير والتجديد في النحو العربي لم تزل تسير ببطءٍ شديد؛ ولم يُكتب لها النجاح المطلق حتى الآن !! فلا زالت الجامعات والمعاهد العلمية تقوم بتدريس النحو العربي من خلال أدبياته القديمة دون تغيير !


موضوع علم النحو :
ضبط أواخر الكلمات إعراباً وبناءً بحسب موقعها من الجملة على نحو مايتكلم به العرب.

ثمرة علم النحو :
هو في تحمل اللغة وآدائها من جهة علاقة الإعراب بالمعنى.

والمقصود بالتحمل هنا : فهم المقصود من كلام الغير بحسب إعرابه، فيميز المُسند من المسند إليه، والفاعل من المفعول، وغير ذلك مما يؤدي إهماله إلى قلب المعاني.

والمقصود بالأداء : أن يتكلم المرء بكلام معرب يُناسب المعاني التي يريد التعبير عنها، ويتخلص من اللحن الذي يقلب المعاني، فيتمكن بذلك من إفهام الغير.

مؤسس علم النحو :
لم يختلف المؤرخون في أن واضع أساس هذا العلم هو التابعي أبو الأسود الدؤلي 67هـ. وقيل أن هذا كان بإشارة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ؛ ثم كتب الناس في هذا العلم بعد أبي الأسود إلى أن أكمل أبوابه الخليل بن أحمد الفراهيدي 165هـ ووضع أول معجم عربي وأسماه معجم العين، وكان ذلك في زمن هارون الرشيد. أخذ عن الخليل تلميذه سيبويه (أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر) 180هـ الذي أكثر من التفاريع ووضع الأدلة والشواهد من كلام العرب لقواعد هذا العلم.

وأصبح (كتاب سيبويه) أساسًا لكل ماكُتب بعده في علم النحو، ودوّن العلماء علم الصرف مع علم النحو، وإذا كان النحو مختصًا بالنظر في تغيّر شكل آخر الكلمة بتغير موقعها في الجملة، فإن الصرف مختص بالنظر في بنية الكلمة ومشتقاتها ومايطرأ عليها من الزيادة أو النقص.

أهم المؤلفات في النحو :
وأهم الكتب المتداولة في علمي النحو والصرف - بعد كتاب سيبويه – هي :

كتابـات أبي عمرو بن الحاجب (عثمان بن عمر) 646 هـ صاحب المختصـرات، المشهــورة في الفقــه والأصول، وله (الكافية) في النحو، و(الشافية) في الصرف، وكلتاهما من المنثور، وعليهما شروح كثيرة خاصة (الكافية).

كتابات ابن مالك (أبو عبد الله محمد جمال الدين ابن مالك الطائي الأندلسي) 672 هـ، وله القصيدة الألفية المشهورة، والتي تناولها كثير من العلماء بالشرح منهم :

ابن هشام الأنصاري 761 هـ، وله شرح (أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك).

القاضي عبد الله بهاء الدين بن عقيل المصري 769 هـ، وله (شرح ابن عقيل على الألفية).



كتابات المعاصرين :
منها: الدكتورة خديجة الحديثي أستاذة النحو ومن مؤلفاتها التي تزخر بها المكتبة العربية هو (أبو حيان النحوي) و(المدارس النحوية) (موقف النحاة من الاحتجاج بالحديث النبوي) وكثيرٌ جداً من مؤلفات مشتركة مع زوجها الأستاذ الفاضل الدكتور أحمد مطلوب رئيس المجمع العلمي العراقيّ. (ملخص قواعد اللغة العربية) لفؤاد نعمة، و(الموجز في قواعد اللغة العربية وشواهدها) لسعيد الأفغاني، و(النحو الواضح) لعلي الجارم ومصطفى أمين، و(جامع الدروس العربية) لمصطفى الغلاييني، و(النحو الوافي) لعباس حسن، وغيرها الكثير.


https://www.facebook.com/profile.php?id=100002909044828&sk=info&edit=eduwork&ref=home_edit_profile